قراءة في مجموعة بقايا إنسان للقاصة إحسان الرشيدي
بقلم الدكتور جميل حمداوي

و عليه، ترصد الكاتبة ، في مجموعتها القصصية القصيرة جدا ،مجموعة من التيمات و القضايا التي لا تخرج عن الذات و الموضوع على حد سواء و من ثم ،فهي تثور على نفسها شعوريا و لا شعوريا إلى درجة القلق و الملل و الكراهية و السأم الوجودي، كما يظهر ذلك جليا في قصتها (ثمرة الشر) و (مدينة الملاهي) مثلا.
و من جهة أخرى ،ترصد المبدعة عوالم الأنثى الواقعية و الخيالية و المحتلمة، مبينة مشاكلها الذاتية و الواقعية في إطار ما يسمى بالكتابة النسائية، مدافعة عن الأنثى ،عن شموخها ، و حبها و كبريائها، و صمودها و إبائها، و أنوثها ،وجمالها مع التنديد بالرجل في زيفه، و خداعه، و نفاقه ، و عبثه، و ضياعه الوجودي و مرواغته الللاأخلاقية ، مسفهة بشره و طمعه و غرائزه الشبقية ، كما يبدوا ذلك في مجموعة من قصيصاتها مثل (رب صدفة) ، (ووافته المنية)،(الستيني المتصابي)،و(ثفقحت)،و(فضيحة العصر)،و(صفعة خذلان)،و(عرة الرجال)،و(بقايا إنسان)،و(جزاء)، و (مهزلة)، و(إحباط)،و(بدون ذكر أسماء)،و(إنفصام)،و(غذر الأيام)،و(شريط الماضي)،و(حالة إدمان)،و(إعدام ضمير)،(حقيقة)،و(ويبقى الأمل)...
كما تشير قصص الكاتبة إلى الصراع الإجتماعي و التفاوت الطبقي، حيث تثور قصيصاتها المأساوية الحزينة على الفقر،و البؤس،والبطالة، و تفكك الأسرة،و الهجرة الطائشة،كما يبدوا ذلك جليا في قصة (ثمن السخرية)،(أمواج القدر)،و(دمعة يتيم)،و(الركض خلف الأوهام)،(مأساة إيمان)،و(صراع مع الذاكرة)...
علاوة على ذلك،فقد تناولت الكاتبة مواضيع عاطفية و رومانسية تراجيدية ،تنتهي بالفراق و الصراع و البين و الهجران و تمزق الذات، كما يبين ذلك واضحا في قصة(عاشق مجروح)، و(لقاء بعد...)،(عانس)،و(وفاء)،و(إغتيال العزة)،و(مأساة)،(الحب لا يكفي)،و(أمازيغية أنا)،و(وعكة غباء)،و(روعة الحب)،و(حصاد)،و(حريق)،و(كل إناء ينضح بما...)،(اللعنة)،و (أبت أن تكون له حطبا)،و(مثوى العسل)،و(بنت الليل)...
و في الحقيقة، تندرج هذه القصيصات ضمن الكتابة النسائية،ما دامت تصور جدلية الذكورة و الأنوثة،حيث تفرغ الكاتبة جام غضبها على الرجل الميكيافلي، مدافعة على الأنثى الجميلة و الحسناء مصورة بشاعة الإنسان ووحشيته الحيوانية مستخدمة في ذلك التقريع،و اللوم، و السخرية ؛ و الهجاء ،و التعبير الكاريكتوري، و الكروتيسك...
أما فيما يخص الكتابة،تتميز إحسان الرشيدي باحترام مقومات القصة القصيرة جدا تحبيكا و تخطيبا و تقصيدا،حيث تراعي الحجم القصير جدا،و تستعمل قصصا فعلية التركيب، و تبتعد عن الوصف التفصيلي فتلتجئ إلى التركيز و الإقتضاب و الإختصار و الإيجاز و التكثيف.و من ثم، تتأرجح لغة الكتابة بين الفصحى و الدارجة و الأمازيغية تهجينا و أسلبة و تنويعا ،كما تتنوع علاماتها الترقيمية تخييلا و تعبيرا و ترميزا، و تكثر من نقط الحذف، و تنوع مقدماتها و خواتمها،مع تقطيع الكلمات المبأرة بصريا و أيقونيا و جماليا.
و خلاصة القول، يتبين لنا،مما سبق ذكره، بأن إحسان الرشيدي ما تزال في بدايتها الفنية بهذه الباكورة القصصية القصيرة جدا، حيث لم تتخط بعد مشاكلها الذاتية لسبر أعماق الواقع بشكل عميق، و ٱكثر نضجا و موضوعيا، مع النبش الميتاسردي في ذاكرة القصة القصيرة جدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليقا