السبت، 29 نوفمبر 2014

قصة قصيرة - قضبان وأجنحة - رامية نجيمة




قراءة في المجموعة القصصية "قضبانٌ وأجنحةٌ" للقاصة رامية نجيمة .

 بقلم ذ. الخضر التهامي الورياشي




قرأتُ المجموعةَ القصصية القصيرة جدّاً (قضبان وأجنحة) ، ولم أرضَ عنها كما كنتُ آمُلُ .. وأكادُ أشكُّ أنَّ صاحبةَ المجموعة نفسَها لم ترضَ عنها أيضاً !!
ففي المجموعة قصصٌ فريدةٌ ومميزة ، وفيها شيءٌ من الفن الجميل ، والغرائبية المحببة ، والوقائع والأحداث التي نسمع عنها ونشاهدها ، ويشوِّقُنا أن نقرأ عنها في أعمال إبداعية خاصةٍ ، تتصدى لها أقلامٌ محترفةٌ أو موهوبةٌ ، والتي نعيشها في الزمن الحاضر خاصة ؛ فقرْنُنا هذا حفلَ بأمورٍ متفرقةٍ ، وحبلَ بأشياءٍ متنوعةٍ ، تجعلُ المدادَ ، والدًَّمَ ، والدمعَ ، يسيلُونَ رُغْماً عن الجميع .
والأديبةُ الشابة (رامية نجيمة) تصدَّتْ لكثيرٍ من أحداث قرننا هذا ، وتناولت بقلمها المبدع قضايا مختلفة ، منها ما هو مَحلِّي وطني ، ومنها ما هو إقليمي دولي ، ومنها ما هو طبيعي ومنها ما هو وراء الطبيعي ؛ فهي تمتلك خيالاً خصباً ، وأسلوباً غنيّاً ، وطاقةً حيويَّةً للسرد والحكي ... ولكنها لم تنطلق بكل هذه المؤهلات كما كان متوقَّعاً منها ، وإنما (كظمت) في نفسها أجزاءً منها ، و(قمعت) قلَمَها أن ينطلق بحُرِّية تامةٍ في بَراري القصة ، وفيافي الحكايات . ولعلَّها تهيَّبت أن تكتب (على راحتها) ، وتُبْدع على سجيَّتِها ؛ لأنها سمعت لغطاً دائراً حول فنِّ الفصة القصيرة جداً ، واستحضرت أمامها القواعد والشروط التي يُنادي بها بعض الأساتذة النقاد ، والمُنظِّرون لهذا الجنس الأدبي الوليد ، فلم تُطلقْ العِنانَ لقلمها أن يخُطَّ كما تشاءُ مشيئةً خالصَةً ، بل كما يشاءُ الآخرون بدرجةٍ ما ... ووضعت فنَّها وإبداعَها وراء (قضبان) النقد في كثيرٍ من القصص ، ولم تفْرِدْ (أجنحةَ) السَّرْدِ والخيال كما تهْوى ... ففي قصصٍ كثيرةٍ من هذه المجموعة يشعرُ القارئ أن الكاتبةَ تُخْفي عنه مهارتَها الخاصةَ في الكتابةِ ، وتتقدَّمُ به خطوةً في الطريق والطريقة وتتراجعُ به خطوتينِ ، وتضطرُّهُ أن يصلَ إلى النهاية من أقرب وأقصر طريقٍ ، مع أنَّ فنَّ القصة يحتاجُ في مناسباتٍ كثيرةٍ أن يسوقَ القارئ إلى عالم الإثارة والتشويق ، ولا يضُرُّهُ أن يتعبَ ، أو يتأخر ، في القراءة قليلاً أو كثيراً ، ما دامَ أنه سيصلُ في النهاية إلى الضوء والهواء .
والمجالُ لا يتسعُ أن آتي بنماذج من المجموعة توضِّحُ هذا الأمرَ ... ولكن ، في نفس الوقت ، أرى من واجبي أنْ أُعْلِنَ أنَّ في المجموعة قصصاً بلغتْ فيها (رامية نجيمة) درجةً من الإبداعِ ممتازةً ، وتفرَّدتْ بها عن غيرها باقتدارٍ ، وجعلتني أعجبُ بها إعجاباً خالصاً ، وأضحكُ ضحكاً صافياً ، وأتأثرُ تأَثُّراً حقيقيّاً ، مما جعلني أقولَُ لوْ أنَّ الكاتبةَ استرسلتْ في قصصٍ أخرى أكثر ، وأطالتْ نوْعاً ما ، ولم تعْجَلْ ، ولم تجْفَلْ .. لذا أدْعوها أن تفردَ أجنحتَها في الأعمال القادمة بكل حرية ، وقوة ، وانطلاق ، ولا تخشى أي قُضْبانٍ من كلِّ نوعٍ ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليقا

المواضيع